كتابنا

تحالف فضائي يغير معادلة الحرب

تحالف فضائي يغير معادلة الحرب

كتب:✍🏻 إحسان الموسوي

في تطور غير مسبوق في مسار الحرب الروسية الاوكرانية كشفت كييف عن تعاون استخباراتي عالي المستوى بين بكين وموسكو يقوم على تبادل معلومات دقيقة عبر منظومة اقمار صناعية صينية متقدمة تستخدم لتحديد مواقع استراتيجية داخل الاراضي الاوكرانية تشمل مصانع حيوية واستثمارات اجنبية ومنشآت للطاقة والبنية التحتية

بحسب تصريحات رسمية من جهاز المخابرات الاوكراني فإن الصين تزود روسيا ببيانات استطلاع فضائي تشمل صورا عالية الدقة ومعلومات حرارية ومؤشرات حركة داخل مواقع مدنية وصناعية يتم استخدامها لتوجيه الضربات الصاروخية الروسية بدقة متناهية مما ادى الى استهداف منشآت حساسة مثل مصنع للاجهزة الكهربائية في منطقة زاكارباتيا غرب البلاد واصابة عشرات المدنيين

هذا التعاون الفضائي يفتح الباب امام تحول نوعي في طبيعة الحروب الحديثة حيث لم تعد المعارك تدار فقط على الارض بل اصبحت السماء مسرحا جديدا للصراع تستخدم فيه الاقمار الصناعية كعيون عسكرية ترصد وتوجه وتحدد الاهداف بدقة تفوق قدرات البشر

المعلومات الاوكرانية تشير الى ان الصين لا تكتفي بتزويد روسيا بالصور بل تشارك في تحليل البيانات وتحديد اولويات الاستهداف بما يخدم مصالح موسكو في شل الاقتصاد الاوكراني وضرب مراكز الطاقة والتصنيع وعرقلة الاستثمارات الاجنبية التي تشكل رافعة حيوية للتمويل والدعم الدولي

في المقابل تعتمد اوكرانيا على منظومة استطلاع غربية تشمل اقمار صناعية امريكية واوروبية تقدم دعما استخباراتيا مضادا مما يجعل الفضاء ساحة مواجهة غير معلنة بين القوى الكبرى

هذا التصعيد يثير تساؤلات استراتيجية حول مستقبل الحروب الفضائية ودور التكنولوجيا في اعادة تشكيل موازين القوى الدولية كما يطرح تحديات قانونية واخلاقية تتعلق باستخدام الفضاء في النزاعات المسلحة وتجاوز مبدأ الحياد الفضائي الذي نصت عليه الاتفاقيات الدولية

التحالف الفضائي بين الصين وروسيا يعكس تغيرا في طبيعة التحالفات الجيوسياسية حيث لم تعد العلاقات تقتصر على الدعم الدبلوماسي او الاقتصادي بل امتدت الى مجالات دقيقة وحساسة مثل الاستخبارات الفضائية والتوجيه العسكري مما يعزز من قدرة روسيا على الاستمرار في الحرب ويضعف من قدرة اوكرانيا على الصمود

في ظل هذا الواقع الجديد تصبح الحاجة ملحة لاعادة النظر في منظومات الردع الفضائي وتطوير تقنيات الحماية من الاستطلاع الفضائي وادماج الفضاء ضمن الاستراتيجيات الدفاعية للدول التي تواجه تهديدات وجودية

السماء لم تعد مجرد فضاء مفتوح بل تحولت الى ساحة حرب صامتة ترسم خرائط النار على الارض وتعيد تشكيل مستقبل الصراعات الدولية في القرن الحادي والعشرين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى